بقلم الأستاذة / دعاء خلف
المدرس المساعد بقسم المكتبات والمعلومت –جامعة الإسكندرية
وتعد المكتبات المدرسية أولى أنواع المكتبات التى يقابلها الإنسان فى حياته والتى يتوقف على أساسها مدى علاقة الإنسان بباقى الأنواع الأخرى من المكتبات سواء بالإيجاب أو السلب، وتعرف المكتبة المدرسية بأنها مؤسسات تربوية تقدم خدماتها للطلاب والمعلمين والمجتمع المحلي، فهي جزء من أجزاء المدرسة وهي مركز الإشعاع الثقافي والتربوي داخل المدرسة والبيئة، وبقدر إيمان المعلم والإدارة المدرسية بأهمية دور المكتبة في خدمة المنهج بقدر ما تحقق المدرسة والمكتبة معاً الأهداف التربوية والتعليمية.
وإذا كنا بصدد الحديث عن تاريخ هذا النوع من المكتبات نجد أنه مرتبط بشكل أساسى بتاريخ تطور المؤسسات التعليمية التابع لها هذا النوع من المكتبات كذلك تطور العملية التعليمية نفسها فى هذه المؤسسات.
1- تاريخ المكتبات المدرسية فى مصر الفرعونية:
لم يكن يعرف هذا النوع من المكتبات فى ذلك الوقت وحتى مجئ العصر الرومانى، حيث كانت تقتصر أنواع المكتبات فى تلك الفترة على مكتبات القصور ومكتبات المعابد وذلك بحكم أن العملية التعليمية تتم فى هذه الأماكن.ومن أمثلة مكتبات القصور والمعابد مكتبة قصر الملك خوفو ملك مصر من الأسرة الرابعة حيث كان يملك فى قصره بيت الكتابات وكان يحتوى على البرديات الخاصة بالعبادة والطقوس الدينية والفنون والعلوم والضرائب، ومكتبة قصر بيبي الأول، ومكتبة قصر أمنحتب الثالث، ومكتبة قصر سيتى الثانى، ومكتبة معبد الأشمونيين، ومكتبة معبد الآله آنوم فى هليوبوليس وغيرها من الأمثلة.
وعند بزوغ العصر الرومانى وجد أنه لم تقتصر أنواع المكتبات التى عرفتها مصر فى العصر المملوكى على المكتبات الخاصة ومكتبات المساجد والجوامع، وإنما وجدت أيضا المكتبات المدرسية. وإذا نظرنا إلى السبب فى وجود هذا النوع من المكتبات فى هذا العصر هو اهتمام ملوكه بإنشاء المدارس حيث نجد أن وزير السلاجقة هو أول من أسس المدارس وجعلها عملاً رسميا من أعمال الدولة . وذلك بإنشاء المدرسة النظامية فى بغداد فىالنصف الثانى من القرن الخامس الهجرى، وقد ألحق بها خزانة كتب ضخمة أحتوى فهرسها على ستة آلاف مجلداً، ومنها أنتقلت فكرة إنشاء المدارس وإلحاق المكتبات بها إلى الحواضر الإسلامية كالشام.
وهكذا نجد أن سلاطين المماليك وأمراؤهم كانوا يتبارون فى إنشاء المدارس، واهتموا بذلك اهتماما عظيماً حتى أصبح من المعتاد طوال عصر المماليك أن يكون من آثار السلطان مدرسة أو أكثر.
ومن أمثلة المكتبات المدرسية التى أنشئت فى العصر المملوكى مكتبة المدرسة الظاهرية التى أسسها الظاهر بيبرس البندقدارى فيما بين عامى 660و662ه وقد اشتملت على خزانة كتب أحتوت العديد من أمهات الكتب فى سائر العلوم والمذاهب، كذلك أسس الظاهر برقوق المدرسة الظاهرية بين القصرين فيما بين عامى 786و788ه وقد ضمت هى الأخرى خزانة كتب وصلنا منها عدة مصاحف وتآليف، وقد حاكى أمراء المماليك سلاطينهم فى إنشاء المكتبات المدرسية ووقف عليها. من ذلك مكتبة مدرسة الصحابية البهائية التى أنشأها الصاحب بها الدين ابن محمد ابن حنا سنة 654ه وقد اشتملت على خزانة كتب جليلة على حد قول المقريزى، كذلك نجد إن بعض العلماء والتجار والقضاء شاركوا فى إنشاء المدارس وتزويدها بالمكتبات ومنهم الإمام الشيخ مجد الدين الخليل سنة 663ه المدرسة المجدية الخليلية. وشيد شيخ الإسلام سراج الدين عمر البلقينى مدرسة فى سنة 795ه، وأغلب الظن أن الدوافع التى كانت وراء إنشاء العلماء للمدارس وإلحاق المكتبات بها كانت دوافع دينية وعلمية بحته. أما التجار كان الدافع لهم إلى ذلك هو الرغبة فى نيل الثواب بجانب الرغبة فى الظهور بمظهر الصلاح والتقوى خوفا من مصادرة أموالهم على يد المماليك، ومن أشهر مدارسهم مدرسة المحلى التى أنشأها رئيس التجار برهان الدين إبراهيم سنة 806ه ، ويمكن إدراج المدارس التى أنشأها بعض القضاه ضمن مدارس التجار على اعتبار أن بعض أولئك القضاة كانوا يجمعون بين التجارة والعلم. من ذلك مدرسة الخروبية. فبالرغم من من توليهم امناصب القضاء إلا أن شهرتهم كتجار فاقت شهرتهم كقضاة. ومن مدارس القضاء مدرسة ابن قاضى العسكر التى بناها الحسين بن محمد محمد العوكانى.
ولم يقتصر إنشاء المكتبات المدرسية على القاهرة وحدها باعتبارها عاصمة الديار المصرية بل انتشرت فى معظم أقاليم مصر من أسوان جنوبا إلى الإسكندرية شمالاً إذ أنشئ فى الإسكندرية ما لايقل عن خمس وعشرين مدرسة ملحقا بكل واحد منها خزانة كتب عامرة بصفوف الكتب والتواليف،ووجد بأسوان ثلاث مدارس وإدفو خمس مدارس وهكذا نجد أن المدارس قد وجدت فى جميع المحافظات وقد ألحقت بها خزائن الكتب التى كانت لها تحتاج لها هذه المدارس فى العملية التعليمية بها. وبصفة عامة نجد أن أغلب محتويات المكتبات المدرسية فى العصر المملوكى كانت تحتوى على كتب فى الفقه والحديث وغير ذلك من العلوم الشرعية واللغوية والمصاحف وأحيانا أغلب مكتبات المدارس كانت تحتوى على بعض الوثائق المتعلقة بالوقف و الممتلكات الخاصة بالأمراء.
2- تاريخ المكتبات المدرسية فى الأندلس:
بدأت الحركة العلمية والتعليمية فى الأندلس من المساجد حيث كانت المساجد أماكن للتعليم فى بداية الأمر، حيث لم يكن للمكتبات أبنية مستقلة خاصة بها فى بادئ الأمر بل كانت المكتبة جزءاًغير مستقل من مبنى المؤسسة التى تنشأ فى كنفها فمكتبات المساجد كان يخصص لها مكان معلوم فى المسجد وكان عبارة عن رف كبير أو أكثر داخل جدران المسجد بحيث يكون ظاهر للعيان.
وعندما اكتظت هذه المساجد بالطلاب وزاد عدد المقررات الدراسية وتباينت موضوعاتها وتنوعت طرق الدراسة والبحث، لم تعد المساجد مناسبة للعملية التعليمية، ومن ثم أنشئت المدارس بأبنيتها الخاصة وانتشرت انتشاراً واسعاً فى المدن الأندلسية، وخاصة فى قرطبة، وقد ألحق بجميعها مكتبات قيمة قدمت خدماتها للطلاب والدارسين آنذاك بصورة جيدة، وكان يخصص لهذه المكتبات حجرة من حجرات المدرسة تكون معلومة للطلاب والمدرسين.
وقد تبلور دور المكتبات المدرسية فى ذلك الوقت فى مساندة العملية التعليمية وتدعيم المناهج الدراسية فى هذه المؤسسات وعملت على تعميق و تحقيق الأهداف العملية والتربوية التى خطتها لنفسها هذه المؤسسات التعليمية لدرجة أصبح يقاس مدى جودة المكتبات بمدى فعاليتها فى تحقيق أغراض العملية التعليمية،كذلك هدفت المكتبات المدرسية فى ذلك الوقت إلى تنمية عادة الإطلاع والقراءة الحرة للتثقيف والترفيه واكتساب المعلومات المفيدة وتزكية وقت الفراغ فيما يعود على القراء بالنفع ونشر المعرفة وتعميم العلوم النافعة فضلاً عن تنمية ميول الأفراد نحو القراءة وتكوين وغرس العادات القرائية لهم.
المصادر :
1- محمد عبد الجواد شريف. 2005.المكتبات المدرسية فى مدارس ذوى الاحتياجات الخاصة ومدارس الفصل الواحد. كفر الشيخ:دار العلم والإيمان للنشر والتوزيع،170.
2 - السيد السيد النشار.د.ت.دراسات فى تاريخ الكتب والمكتبات. الإسكنرية:دار الثقافة العلمية.
3- حامد الشافعى دياب .1998.لكتب والمكتبات فى الأندلس. ط1. القاهرة: دار قباء للطباعة والنشر والتوزيع،
يمكن قراءة المقالة من على Scribd
معلومات قيمة عن أهم انواع المكتبات على الإطلاق !
ردحذفبارك الله فيكِ يا أستاذة دعاء.