التكشيف والاستخلاص
دراسة في التاريخ والتعاريف ومشكلة استرجاع المعلومات
تلخيص: آلاء جعفر الصادق
التمهيد:
يتناول هذا البحث أربعة محاور رئيسية:
أولاً: بدايات تاريخية: يقدم فيها تعريفاً تاريخياً لعمليات "التكشيف والاستخلاص" وتطورها منذ الحضارات القديمة وحتي القرن العشرين. ثم توضيح موجز لما يقدمه " التكشيف والاستخلاص من قيمة مضافة في مجتمع المعلومات الجديد. ثانياً: في المصطلحات والعلاقات: بيان لعلاقة" التكشيف والاستخلاص" بالتحليل الموضوعي والتمييز بين مصطلحات التكشيف الموضوعي والفهرسة الموضوعية والتصنيف. ثالثا:ً أهمية التكشيف والاستخلاص في استرجاع المعلومات: توضيح بالأهمية المتزايدة للإفادة من الحاسبات الآلية في خدمات التكشيف و الاستخلاص في نجاح عملية استرجاع المعلومات. رابعاً: مشكلة استرجاع المعلومات وإجراءات البحث: يتناول الأشكال التى يمكن أن تظهر فيها مشكلة أسترجاع المعلومات و العوامل التي قد تؤثر في تلك الإجراءات.
أولاً: بدايات تاريخية:
تتناول عنصرين هما : 1. المقدمة التاريخية.
2. القيمة المضافة للتكشيف والاستخلاص في المجتمع المعلوماتي الجديد.
1.المقدمة التاريخية:
تاريخ التكشيف والاستخلاص قديم قدم الحضارة الإنسانية نفسها. ففي حضارة بابل وأشور حفظت أقراص الطين وكتب عليها من الخارج المحتويات التي بداخلها ، كما حفظت أوراق البردي في حضارة مصر القديمة في أوانٍ كتب عليها كلمات تدل علي محتوياتها.
ولعل أهم المحاولات الرسمية الببليوجرافية تعود إلي "كاليماكوس" في " مكتبة الإسكندرية القديمة" وكان ذلك قبل ميلاد المسيح عليه السلام بحوالي قرنين من الزمان.. وكان "كاليماكوس" يعد قوائم مرشدة عن المعلومات الخاصة بآلاف البرديات الموجودة بالمكتبة، وفي الواقع لقد عاشت العديد من هذة المستخلصات حتي وقتنا الحاضر واندشرت المصادر الأصلية .. أى أن المستخلصات تعتبر المصدر الوحيد أمام الباحثين في كثير من الأحيان.
وهناك بدايات أيضاً للتكشيف في الحضارة العربية الإسلامية وذلك بالنسبة للقرآن الكريم و الأحاديث النبوية الشريفة، حيث توضع بعض الكلمات المفتاحية علي الجانب الأيمن للنصوص للدلالة علي محتوياتها.
وفي الوقت الذي أخترعت فيه الطباعةالمتحركة علي يد "جوتنبرج" حوالي عام 1450م كانت هناك بعض أشكال الحواشي وهي:
أ- حواشي المخطوطات.
ب- فهارس المكتبات.
ت- الببليوجرافيات.
كما أحتوت الكتب في بداية عصر الطباعة علي صفحات بيضاء في بداية ونهاية الكتاب لكي يسجل عليها القراء الموضوعات ذات الأهمية التي يحتوياها الكتاب حتي يمكن الرجوع إليها بعد ذلك.
ويعنى ذلك كله أن الكشافات قديمة قدم الكتابة المنشورة ذاتها، وقد وجدت في الواقع في جميع اللغات، إلا أن التكشيف في مفهومه وشكله المعاصر لم يبرز حتي أستقر مفهوم الترتيب الهجائي Alphabetizing.
ولعل أشهر مثال علي الكشافات في العصر الحديث هو كشاف (( مرشد القارئ للإنتاج الفكري في الدوريات)) ٌReader's Guide to periodical literature إعداد "ولسن Wilson" عام 1901م ، وقد أشتهر هذا الكشاف بإحالاته المتميزة ومداخله الموضوعية، وجاء تكشيف مقالة الدوريه فيه تحت أسم المؤلف وتحت موضوع محدد.
ولم يكن هذا الكشاف هو أول عمل ظهر في العصر الحديث بل سبقه ((كشاف الإنتاج الفكري للدوريات عام 1882م)).
كما أن أول "مجلة أستخلاص" نشرت في يناير عام 1665م تحت أسم ((مجلة العلماء Journal des Scavans)) وقد خصصت نصف كل صفحة لمادة واحدة، أي كتاب جديد مع تفصيلات عن مؤلفه وعنوانه ومكان نشره.
وإذا كان عام 1665م قد شهد مولد أول دورية استخلاص، فقد جاء القرن الثامن عشر
(1700-) مشيراً إلي ظهور دوريات استخلاص أخري في ألمانيا، انجلترا، فرنسا وغيرهم من الدول الأوروبية.
ولقد تجاوز التكشيف في القرن العشرين أفكار العصور السابقة فمن الكشافات الخاصة بالأعمال الفردية إلي كشافات المجلدات المتعددة إلي الكشافات التعاونية دولياً.
وهناك في الوقت الحاضر كشافات علي المستوي الدولي في مجال التعليم والشئون الدولية وغيرها من الموضوعات.
وإذا كان الإنتاج الفكري مازال بعيداً عن التكشيف والاستخلاص الكامل، فقد سار العالم أشواطاً طويلة إلي الأمام.
2. القيمة المضافة للتكشيف والاستخلاص في المجتمع المعلوماتي الجديد:
المعلومات معنا منذ بداية التاريخ الإنساني شفوية كانت أم مكتوبة، مخطوطة أو مطبوعة أو مسجلة علي وسائل إلكترونية حديثة. وتقع المعلومات في قلب التطور الزراعي والصناعي والإداري والصحي، بل تقع في قلب النشاط الإنساني كله .
.. وإذا كانت التكنولوجيا الأولي هي أختراع الإنسان للغة فقد كانت خطوته العملاقة التالية هي أكتشاف طرق جديدة لتسجيل أفكاره حتي يمكن للمعلومات أن تنتقل عبر الزمن وعبر المكان لتصل إلي كل إنسان علي هذة الأرض.
ولقد أصبح للمعلومات في وقتنا الحاضر دوراً قومياً، وأصبحت "صناعة المعرفة و المعلومات" من بين الصناعات ذات النسبة العالية في إجمالى الناتج المحلي فيما يعرف "برأس المال الفكري". ولقد دخلت العديد من الدول المتقدمة مايسمى بمجتمع المعلومات.
v فإذا كان رأس المال هو المصدر أو المورد الاستراتيجي في المجتمع الصناعي،
v فالمعلومات هي رأس المال الفكري والمورد الأستراتيجي للمجتمع المعلوماتي.
وما ينبغي أن نذكره كذلك دخول خدمات ونظم المعلومات في الثروة القومية ضمن قطاع المعلومات بالدولة، أى أن هذة الخدمات بما فيها نظم التكشيف والتصنيف والاستخلاص تضيف قيمة Add- Value للمعلومات وتجعلها معرفة أى أصبح لخدمات ونظم المعلومات دوراً أقتصادياً هاماً فيما يعرف "بأقتصاد المعرفة".
ثانياً: في المصطلحات والعلاقات:
يتناول موضوعين : (أ) التحليل الموضوعي وعلاقته بالتكشيف والفهرسة والتصنيف. (ب) علاقة التكشيف بالاستخلاص.
(أ) التحليل الموضوعي وعلاقته بالتكشيف والفهرسة والتصنيف:
يذهب لانكستر إلي أن التحليل الموضوعي يعنى ((التحديد والتعبير عن المحتوي الموضوعي في النصوص الوثائقية أو في قواعد البيانات أو في اللغات المحكومة أو الطبيعية أو في الطلبات المعلوماتيه واستراتيجية البحث)).
اما الباحث شان وزملاؤه فيذهبون في مقدمة كتابهم تحت عنوان (التحليل الموضوعي) إلي أن التحليل الموضوعي يعني " بناء المصطلحات" والمقصود به بناء الأدوات التصنيف وقوائم رؤوس الموضوعات والمكانز وهذة الأدوات تصمم لتسهيل تنظيم واسترجاع المعلومات عن طريق:
1. وضع مصطلحات يمكن استخدامها في تصنيف أو تكشيف الوثائق.
2. عرض العلاقات الدلالية Semantic والترادفية Synonymy.
ولقد ذهب الباحث سفينيوس إلي أنه في غياب نظرية محدد لإسترجاع المعلومات، فليس هناك نظرية واضحة المعالم للتكشيف
ويمكننا أن نفرق بين كلاً من الفهرسة الموضوعية Subject Cataloging وبين التكشيف الموضوعي Subject Indexing والتصنيف Classification والفهرسة الوصفية كما يلي:
v الفهرسة الموضوعية: تدل عادة علي تخصيص رؤوس موضوعات للأعمال الكاملة
v التكشيف الموضوعي: يدل علي تمثيل الجانب الموضوعي لاجزاء من الاعمال
v التصنيف: له معنى ضيق: تخصيص رموز أو أرقام تصنيف للأعمال وذلك لترتيبها
أما في معناه الواسع فهو يشكل الأساس الفكري في عملية التحليل الموضوعي.
v الفهرسة الوصفية : تهتم بوصف الوحدات الكاملة.
والخلاصة أن الفارق بين " الفهرسة الموضوعية" و" الاستخلاص" وبين " الفهرسة الوصفية" و " التكشيف" هو فارق في الدرجة وليس النوع.
(ب) علاقة التكشيف بالاستخلاص:
أنشطة التكشيف الموضوعي والاستخلاص ترتبط ببعضها ارتباطاً وثيقاً، ذلك لأن كلاً منهما يتضمن إعداد تمثيل للمادة الموضوعية في الوثائق.
v فإذا كان الاستخلاص هو وصف سردي أو ملخص للوثيقة.
v فإن الكشاف يصف محتوياتها باستخدام واحد أو أكثر من مصطلحات التكشيف.
وكلاً منهما يخدم نفس الغرض وهو (بيان ما تتحدث عنه الوثيقة What is About?)
وخلاصة هذا كله أن التمييز بين الاستخلاص والتكشيف أصبح عسيراً، ذلك لأن:
1. قائمة مصطلحات الكشاف يمكن طباعتها لتشكل مستخلصاً مصغراً.
2. نص المستخلصات يمكن اختزاته في النظام المعتمد علي الحاسب الآلي بطريقة تسمح بأداء البحث بكافة مصطلحات النص.
وإذا نظرنا إلي أنشطة التكشيف والاستخلاص بطريقة تكاملية، فإن طبيعة عملية التكشيف يمكن أن تتغير بعض الشيء، فالمكشف علي سبيل المثال يمكن أن يركز علي تعيين المصطلحات التي تكمل نقاط الإتاحة التي يقدمها المستخلص.
ثالثاً: أهمية التكشيف والاستخلاص في استرجاع المعلومات:
يضم نظام استرجاع المعلومات كلاً من عمليات التكشيف والاستخلاص والبحث ، حيث توجد علاقة قوية بينهم يمكن توضيحها من خلال الشكل التالي:
الشكل رقم (1) علاقة التكشيف والاستخلاص بالبحث
أما بالنسبة لدور التكشيف والاستخلاص داخل الإطار العام لأنشطة استرجاع المعلومات فقد أوضحها لانكستر في الشكل التالي رقم (2):
شكل (2) دور التكشيف والاستخلاص في نظم استرجاع المعلومات
رابعاًً: مشكلة استرجاع المعلومات وإجراءات البحث:
تتناول هذة النقطة عنصرين: (أ) الاستدعاء والدقة Recall and Precision
)ب) بعض العوامل التي تتحكم في نتائج البحث
(أ) الاستدعاء والدقة Recall and Precision:
هناك علاقة طردية بين نسبة الإستدعاء ونسبة الدقة :
v فكلما زادت نسبة الإستدعاء تقل نسبة الدقة.
v وكلما زادت نسبة الدقة قلت نسبة الإستدعاء.
ونسبة الإستدعاء: Recall بستخدم للدلالة علي قدرة استدعاء مواد مفيدة.
ونسبة الدقة Precision: تستخدم للدلالة علي قدرة تجنب المواد الغير مفيدة.
ويلاحظ من سلوك الباحثين أنهم علي أستعداد للنظفر في [57] مستخلص من قاعدة البيانات ليعثر علي [6] مواد مفيدة ، ولكنه غير مستعد للنظر في [570] مستخلص ليعثر علي [60] مادة مفيدة.
(ب) بعض العوامل التي تتحكم في نتائج بحث قاعدة البيانات:
هناك عوامل عديدة تحدد مدي نجاح البحث في قاعدة البيانات، وتتضمن تلك العوامل:
1. مدي تغطية القاعدة.
2. سياسة التكشيف.
3. ممارسة التكشيف.
4. سياسة الاستخلاص.
5. ممارسة الاستخلاص.
6. نوعية المصطلخات المستخدمة.
7. نوعية استراتيجية البحث...إلخ
فالتكشيف والاستخلاص الجيد هو الذي يتيح للطالب استرجاع المواد التي تستجيب لاحتياجاته ويدلنا علي هذا الشكل رقم (3)
شكل (3) العوامل المؤثرة علي نتائج البحث
المصدر:
تلخيص للفصل الأول من كتاب:التكشيف والاستخلاص دراسات في التحليل الموضوعي/ تأليف احمد بدر، محمد فتحي عبد الهادي، ناريمان إسماعيل متولي.- القاهرة:دار قباء للطباعة والنشر والتوزيع، 2001