إعداد الأستاذ /
عبدالرحمن إبراهيم سيد أحمد
المُدرس المُساعد
بقسم المكتبات والمعلومات - جامعة الأزهر
ملخص:
يتناول هذا المقال أهم الصفات التي يتميز
بها الباحث النحلة، والتي تؤهله لكي يكون أبرز الباحثين، بل تؤهله لكي يكون قدوة
لكل الباحثين، لما يتمتع به من صفات وميزات تجعله يُعِد أبحاثه العلمية بصورة
صحيحة ودقيقة وهذه الصفات هى الاستكشاف والدقة والإبداع في لإنتاج والنظام وحب
العمل الجماعي والتعاون والنشاط والإجتهاد والانضباط والإلتزام والرؤية المستقبلية
والشجاعة والإقدام وعدم إتلاف الأشياء والصبر والتضحية وعدم إيذاء الأخرين والإعتماد
على النفس والذكاء والفطنة؛ هذه أهم الصفات التي يتصف بها الباحث النحلة،فقد
تتوافر هذه الصفات كلها في باحث واحد ، أو يتوافر بعضها فقط، ويوضح المقال هذه
الصفات التي تميز الباحث النحلة.
لقد كانت أول مرة أستمع فيها إلى مصطلحَي: الباحث النحلة
والباحث النملة من أستاذي الفاضل الأستاذ الدكتور/
شعبان خليفة، في المحاضرات التي كان يلقيها على طلاب قسم المكتبات
والمعلومات بكلية الآداب جامعة الإسكندرية فى السنة التمهيدية للماجستير ، وبالفعل
أعجبني هذا المصطلح كثيرًا وقال الأستاذ الدكتور شعبان خليفة إن الباحث
النحلة له صفات تميزه عن الباحث النملة ويجب
على كل باحث أن يبحث في نفسه أهو نملة أم نحلة، وأكد على أن الباحث النحلة يتميز بالعديد
من الصفات، والتي تجعل منه باحث متميزًا.
ومنذ ذلك الحين أخذت علي عاتقي البحث حول الصفات التي
يتميز بها هذا الباحث النحلة، وحاولت ألا أكون باحثاً نملة : ( تجمع غذاءها فقط وتدّخره في تراكم ثم تأكله كما هو ؛دون ان يكون
لها بصمة )؛ غير أني وجد باحثًا ثالثًا يظهر بوضوح ويزاحم الباحث النحلة
والباحث النملة، وللأسف هو أكثرهم إنتشارًا الآن في مجال البحث العلمي، وأطلقت
عليه مصطلح " الباحث البرغوث "،
لأنه ينتقل عشوائيًا ويكتب بصورة عشوائية لبحثه العلمي، ولا يتبع الأسلوب العلمي
لإجراء الأبحاث العلمية، تمامًا كما يفعل البرغوث فهو يسير بصورة عشوائية غير
منتظمة بعكس النحلة والنملة.
وسوف يكون الإهتمام منصبًا في هذا المقال على الباحث النحلة ، وأهم الصفات التي
يتميز بها.
يعتبر النحل بشكل عام من أكثر الحشرات نفعًا، نظرًا
لمساهمته في تلقيح الأزهار، فالعلاقة بين النحل والنباتات علاقة منفعة متبادلة
يأخذ خلالها النحل الرحيق والطلع اللازمين لغذائه ويعطي النباتات الخصب، وفي
الحديث في مسند الإمام أحمد، عن عبدالله بن عمرو قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ إِنَّ مَثَلَ
الْمُؤْمِنِ لَكَمَثَلِ النَّحْلَةِ أَكَلَتْ طَيِّبًا وَوَضَعَتْ طَيِّبًا
وَوَقَعَتْ فَلَمْ تَكْسِر ولم تُفْسِد.ْصححه الألباني.
تعريف الباحث النحلة:
هو باحث ينتمي لطبقة الباحثين المتميزين،وظيفته الأساسية
إعداد الأبحاث العلمية بصورة متميزة ودقيقة، يوجد منه عدد قليل الآن "بل يكاد يكون نادرًا" عندما
يقرأ القارئ إنتاجه الفكري يعيش معه وكأنه يخاطب كل قارئ بمفرده، فأبحاثه موجهة
إلى القارئ المتميز والقارئ المتوسط والقارئ العادي، وذلك لأنه يتبع الأسلوب
العلمي بكل دقة في كتابة أبحاثه، ويراعي دائمًا الفروق الفردية بين القراء، ويعتبر
هذا الباحث من أكثر أنواع الباحثين نفعًا لأنه يُفيد كل من يقرأ مؤلفاته.
وهو يتميز بالعديد من الصفات، التي تتميز بها النحلة أيضاً
،وهي كالآتي:
1-الاستكشاف: وهي من أهم السمات التي يتميز بها الباحث
النحلة، فكما تقوم النحلة بالاستشعار أو الاستكشاف للزهور التي سوف تأخذ منها
الرحيق (فهى مزوده بما يسمى قرون الاستشعار، وهي مقسمة عند الذكور إلى 13 جزء وعند
الإناث إلى 12 جزء )، تستخدمها النحلة في تحسس الأشياء وتذوقها، وهذه القدرة
الإستكشافية جعلت بعض الأطباء يستخدمون النحل في استكشاف بعض الأمراض فبعض
الأمراض، ومن بينها أنواع معينة من السرطان والسل، تترك لدى المريض رائحة يمكن
تدريب النحلة على ربطها بالطعام، فإذا كانت الرائحة المميزة موجودة في عينة نَفَس
أو بول المريض، فسوف تمد النحل لسانها، وهي حركة صغيرة يمكن التقاطها بواسطة
كاميرا لإعطاء تشخيص للمرض،يقوم الباحث النحلة أيضًا
بالاستكشاف للبحث العلمي الذى سوف يقوم بدراسته وذلك قبل الشروع والبدء في كتابته،
وهذا ما يطلق عليه الدراسة الاستطلاعيةScoping Study، وهي الدراسة التي
يقوم بها الباحث المجتهد قبل البدئ في دراسته، وهي تُمهد له الطريق وتساعده بصورة
كبيرة في البدء في دراسته بصورة صحيحة ودقيقة، أيضًا يقوم الباحث النحلة
بالاستكشاف لمصادر المعلومات التي سوف يعتمد عليها في بحثه العلمي قبل الإعتماد
عليها، فإذا وجد أنها صالحة ومفيدة وسوف تُضيف جديد إلى بحثه وليست مجرد حشو زائد
قام بالإعتماد عليها.
2 - الدقة:يتميز النحل بدقة عالية تتفاوت حسب نوع
النحلة، فالملكة تتميز بدقة عالية في إتمام المهام المكلفة بها والتي منها وضع
البيض، فالملكة تضع نوعين من البيض هما: البيض المخصب والبيض الغير مخصب، فالبيض
المخصب تضعه الملكة في البيت الملكي فينتج عنه الملكات، أو تضعه في العيون
السداسية الصغيرة فينتج عنه شغالات، أما البيض غير المخصب فتضعه في العيون
السداسية الأكبر حجمًا فينتج عنه الذكور، والملكة لا تخطئ مطلقاً في نوع
البيضة التي تضعها في أي من العيون، وهذا يدل على دقتها، أما الشغالات فهي تفرز
الشمع من غدد خاصة بالبطن وتقوم ببناء الخلايا السداسية، وهي تختار الشكل السداسي
من بين مختلف الأشكال حيث إنه لا يترك مسافات بين خلاياه، والنحلة الشغالة قبل أن
تبنى الخلية السداسية فإنها تعلم الغرض منها حتى تصممها بما يتفق مع هذا الغرض،
فإذا كانت تبنى خلايا لتربية الشغالات جعلت قطرها 5.37مم وإذا كانت تبنى خلايا
لتربية الذكور جعلت قطرها6.91مم، معنى ذلك أن الديسيمتر المربع يحوي من الجهة
الواحدة حوالي 400 عين سداسية لإنتاج الشغالات أو 275 عين سداسية لإنتاج الذكور،
وهذا يدل على الدقة العالية التي تتمتع بها الشغالات،كذلك الباحث النحلة يتميز بالدقة في إعداده لأبحاثه
العلمية التي يقوم بها، وتتضح الدقة في طريقة كتابته لأبحاثه العلمية بحيث تكون
دقيقة في المعلومات التي يقدمها للمستفيدين منه، دقيقة في المصادر التي يعتمد
عليها، دقيقة في توثيقه للبيانات الببليوجرافية للمصادر التي أعتمد عليها، فيستخدم
أسلوب معين في الكتابة ثابت في أبحاثه كلها، ويستخدم نظام توثيق معين ثابت في جميع
مقالاته التي يكتبها، فلا تجده يستخدم في مقال من المقالات نمط MLA وفي مقال أخر يستخدم
نمط APA بل يستخدم نمط واحد
دائمًا في جميع كتاباته، وهذا يدل على دقته الكبيرة.
3 -الإبداع في لإنتاج: يعتبر العسل الخارج من بطن النحل من أطيب
الإفرازات الحيوانية وأنفعها على الإطلاق ولذلك امتدحه الله تعالى في كتابه الحكيم
قال تعالى (يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ
شِفَاءٌ لِلنَّاسِ)، كذلك الباحث النحلة يتميز
بإنتاجه العلمي والذي يعتبر عملًا طيبًا ينتفع منه الآخرون؛ ليس هذا فحسب، وإنما نلاحظ
ان النحلة تمتص رحيق مجموعة متنوعة ومتباينة من الزهور، ثم تهضم ذلك الرحيق لتنتج العسل،
وهو إنتاج مختلف شكلا ولونا وطعما عن الرحيق الذي امتصته ...كذلك الباحث ينهل من العديد
من مصادر المعلومات ، فيستوعب ما بها، ويربطه بقاعدته المعرفية الخاصة، ثم ينتج إنتاجاً
مختلفاً عما قرأه !!!!
4 -النظام:يتميز النحل بالنظام في كل ما يقوم به من
أعمال، فقد أورد الدميري تحت باب (اليعسوب) في كتابه (الحيوان) وهو ملك النحل
وأميرها الذي لا يتم لها رواح ولا إياب ولا عمل ولا مرعى إلا به، فهي مؤتمرة بأمره
متبعة برأيه يديرها كما يدير الملك أمر رعيته حتى إنها إذا أوت إلى بيوتها وقف على
باب البيت فلا يدع واحدة تزاحم أخرى ولا تتقدم عليها في العبور كما يفعل الأمير
إذا انتهى بعساكره إلى معبر ضيق، وأعجب من ذلك أن أميرين منهما لا يجتمعان في بيت
ولا يتأمران ولا يأتمران على جمع واحد بل إذا اجتمع منها جنديان وأميران قتلوا أحد
الأميرين وقطعوه واتفقوا على الأمير الواحد من غير معاداة منهم ولا أذى من بعضهم
لبعض بل يصيرون يدًا واحدة،كذلك الباحث النحلة يتميز
بالنظام في كل ما يقوم به من أعمال، فيقوم الباحث النحلة في البداية بتنظيم وقته
(عمل جدول يومي وأسبوعي) يحدد فيه بدقة كل ما يقوم به من أعمال، ثم يقومبالسير على
هذا الجدول بكل دقة ونظام، ويكون منظمًا في كل ما يقوم به
من أعمال، وهذا يساعد كثيرًا في إتمام أبحاثه التي يقوم بإعدادها.
5 - حب العمل الجماعي:من صفات النحل حب العمل الجماعي،فخلية النحل
مجتمع موحد متكامل على رأسه ملكة واحدة لا تنازعها أخرى، ولإناث النحل أعمال
متنوعة كثيرة توزع فيما بينها بحسب أعمارها واستعدادها الجسماني، وعند الضرورةوعند
الخطر، وفي المواسم الجيدة تعمل كل نحلة أيّ عمل يفرض عليها، هناك وصيفات للمكلة
يقمن على خدمتها وجلب الطعام الملكي لها، وهناك حاضنات ومربيات يقمن برعاية الصغار
وجلب الغذاء المناسب، وهناك شغالات يحضرن الماء إلى الخلية، وهناك شغالات يقمن
بتهوية الخلية صيفاً وتدفئتها شتاءً، وترطيبها في وقت الجفاف، وهناك شغالات يقمن
بتنظيف الخلية، وجعل جدرانها ملساء ناعمة لامعة عن طريق مواد خاصة، وهناك حارسات
يقمن بحراسة الخلية من الأعداء، ولا يسمحن لنحلة أن تدخل الخلية ما لم تذكر كلمة
السر وإلا تقتل، وهناك شغالات يقمن بصنع أقراص الشمع ذات الشكل السداسي الذي تنعدم
فيه الفراغات البينية بتصميم معجز، وبأسلوب يعجز عن تقليده كبار المهندسين، وهناك
رائدات يقمن بمهمة استكشاف مواقع الأزهار، كل هذا من أجل شئ واحد هو إنتاج العسل،كذلك
الباحث النحلة يتميز بحبه للعمل الجماعي
فإذا عمل في فريق واحد تعاون مع هذا الفريق لإنتاج ما تم تكليفهم به، بعكس غيره من
الباحثين فكل واحد منهم يحب الزعامة والإنفراد ولا يشترك في أي أعمال جماعية.
6-التعاون:دائمًا ما يعيش النحل في مجتمعات تعاونية
ضحمة، لكل فرد من أفراد هذا المجتمع دوره الذي يقوم به، ويعتبر العسل الناتج عن
النحل هو ثمرة من ثمرات هذا التعاون بين أفراد الخلية الواحدة، كذلك الباحث النحلة يتميز بتعاونه مع غير من الباحثين
وتقديم المساعدات التي يطلبها منه الأخرون، فيقدم لهم المصادر التي يحتاجون إليها،
والمعلومات التي تساعدهم في أبحاثهم، والإرشاد الذي يوجههم إلي إتمام أبحاثهم، يضع
نصب عينه دائمًا مقولة الإمام علي رضي الله عنه "العلم يزكو بالإنفاق"،
فلا يبخل على غيره أبدًا بل يتعاون مع الأخرين.
7-النشاط والإجتهاد:من صفات النحل المحمودة أنه لا يتبرم من
العمل، بل يعمل في صمت،ويثابر طوال يومه في بناء خليته، وتشييد مدينته، والمحافظة
على نسله، ولا ينتظر منصبًا أو مكانة في خليته، بل يعمل في نشاط دول كلل أو ملل وهو
يعلم أن مصيره الموت، كذلك الباحث النحلة يتميز
بعمله في صمت ونشاط دائمًا فلا يمل منالبحث عن المعلومات التي يحتاج إليها أو
المصادر التي يحتاجها أو في كتابته لأبحاثه التي تأخذ منه الكثير من الوقت والجهد،
ولكن يكون دائمًا في نشاط وفاعليه وإجتهاد.
8 - الانضباط والإلتزام:يتميز النحل بالإنضباط والإلتزامفي كل
الأعمال التي يقوم بها فالملكة تعرف أدوارها المكلفة بها والشغالات كذلك كل منهم يعرف
دوره المكلف به والذكور أيضًا تعرف دورها المكلفة به، وكل منهم يتميز بالانضباط
والإلتزام فلا يقصر في عمله الموكل به أبدًا، كذلك الباحث
النحلة يتميز بإنضباطه الشديد وإلتزامه، فيحدد لنفسه مسبقًا مواعيد
إتمامه للأعمال التي سيقوم بها، ويقوم بإتمامها على أكمل وجه في الموعد المحدد
لها.
9 - الرؤية
المستقبلية: تتميز النحلة بأن لديها نوعين من العيون النوع الأول يسمى بالعيون المركبة
وهما اثنتان، وتقعان على جانبي الرأس ويتكونان من آلاف من العدسات المتصلة ببعضها،
وتستخدمها النحلة في الرؤية لمسافات بعيدة عندما تكون خارج الخلية وفي رؤية الضوء
فوق البنفسجي الذي لا تراه عين الإنسانوهذه ميزة كبيرة تمكن النحلة من رؤية ألوان
بعض الزهور التي لا ترى إلا تحت الضوء فوق البنفسجي أما النوع الثاني من
العيون فيسمى العيون البسيطة وعددها ثلاثة، وتحتل أعلىالرأس وتستخدمها
النحلة في رؤية الأشياء القريبة، فحاسة الإبصار عند النحلة قوية جدًا، وفى
مقدمة رأس النحلة يوجد قرنان للاستشعار، تستخدمهما النحلة في تحسس الأشياء
وتذوقها،كذلك الباحث النحلة يتميز برؤيته
المستقبلية للأشياء المختلفة، فيستطيع تقديرالأمور وتوقع النتائج وفرض الفروض وذلك
لما يتمتع به من رؤية مستقبلية.
10 - الشجاعة والإقدام:من صفات النحل أن له شجاعة وإقداما، يضحي
بنفسه من أجل أن يبني خليته، كذلك الباحث النحلة
من صفاته أنه شجاعًا يُقبل على أبحاثه، ويكتب ما يراه صحيحًا ولا يخاف من
أحدًا أبدًا طالما هو على الحق.
11- عدم إتلاف الأشياء:
يتميز النحل بعدم إتلافه للأشياء، فإذا وقف
على الأزهار مص منها الرحيق وهو واقف على العود لا ينكسر، فإذا أنتهى من أخذ
الرحيق قام من على العود وهو أكمل من ذي قبل، كما قال رسول الله صلي الله عليه
وسلم (إِنَّ مَثَلَ الْمُؤْمِنِ لَكَمَثَلِ
النَّحْلَةِ أَكَلَتْ طَيِّبًا وَوَضَعَتْ طَيِّبًا وَوَقَعَتْ فَلَمْ تَكْسِر ولم
تُفْسِد)؛ كذلك الباحث
النحلة إذا عالج أمرًا، أوتناول مشكلة لم يكسر القضية أويشوهها، بل يقف
على أعواد المشكلات وقوف النحل خفة ورشاقة، ويعالج المشاكل كما يعالج النحل مص
الرحيق من الأزهار، فما من مشكلة يتناولها إلا ويخرج منها وقد نالت منه خيرًا، ولم
تر منه نقصا.
12- الصبر: من أهم الصفات التي يتميز بها النحل الصبر،
فلكي يصنع النحل كيلو واحد من العسل يحتاج إلى طيران أربعمائة ألف كيلو متر، أي ما
يعادل عشرة أضعاف محيط الأرض، وهذا يدل على مدى صبره، كذلك الباحث النحلة يتحلى بالصبر في إنجازهلبحثه العلمي
حتي يخرج بالصورة المطلوبة والصحيحة، فهو يصبر في الحصول على مصادر المعلومات
المناسبة التي يحتاج إليها، ويصبر في قراءته للمصادر وفي كتابته لأبحاثه وفي
مراجعته وفي تحليله للبيانات للخروج بالنتائج الصحيحة.
13 -التضحية:فكما يضحي النحل بوقته وحياته كلها حتى تبقى
جماعته قوية منيعة، وكما يضحي ذكور النحل بحياتهم من أجل تلقيح الملكة،فتموت
الذكور بعد تلقيحها الملكات وذلك لانفصال آلة السفاد منها واستقرارها في مؤخرة
الملكة وتطير الذكور لمسافات بعيدة لتلقيح الملكات، يضحي أيضًا الباحث النحلة بوقته وجهده من أجل إخراج أبحاثه
بالصورة الصحيحة حتى يستفيد منهاالمتخصصون في مجاله الذي يهتم به.
14 - عدم إيذاء الآخرين:من صفات النحل أنه لا يؤذي إلا من هجم عليه
وآذاه في سعيه أو خرب عليه خليته، وعدا ذلك فهو ماضٍ في عمله، دئوب في سعيه لا
يلوي على شيء، يتعالى عن السفاسف، كذلك الباحث النحلة
لا يكون هدفه الأساسي هو القضاء على الآخرين لكي يظهر هو، ولا يكون هدفه من
كتابة أبحاثهسب الآخرين أو الإشارة والتلويح إليهم أو التورية في كلماته.
15-الإعتماد على النفس:من أهم الصفات التي يتميز بها النحل أنه لا يأكل
من كسب غيره، فيقوم بجمع طعامه بنفسه ولا يعتمد على غيره من المخلوقات الأخري لكي
تجمع له طعامه،كذلك الباحث النحلة يعتمد
على نفسه في إعداد أبحاثه العلمية وفي جمع مصادر المعلومات التي يحتاج إليها، فلا
يكلف غيره بإعداد أبحاثه هو ولا ينتظر من الأخرين إحضار مصادر معلومات يحتاج
إليها، بل يقوم هو بإعداد أبحاثه ، ويقوم بالبحث الذاتي عن مصادر المعلومات التي
يحتاج إليها، وكلما أعتمد على نفسه في ذلك توصل إلى العديد من المصادر الأخرى التي
يحتاج إليها وتخدمه من نواحي أخرى في إعداده لأبحاثه العلمية.
16-الذكاء والفطنة:من أهم الصفات التي يتميز بها النحل الذكاء
والفطنة ويظهر هذا واضحًا جليًا في العديد من الأمور التي يقوم بها النحل والتي
منها: إنشاء النحل لنظام تكييف هواء، فعندما ترتفع درجة الحرارة، ترش الشغالات
الماء على قرص العسل وتخفق بأجنحتها لتوليد تيار هوائي بارد، مما يساعد على الحفاظ
على العسل وعدم تعرضه للتلف والفساد،وهذا يوضح مدى الذكاء الذي يتمتع به النحل في
الحفاظ على العسل الذي يقوم بإنتاجه.
وقد توصل العالم جيورفا إلى نتيجة أكثر إبهارًا، فقد
اكتشف مع زميلته أورور أفارجيه ويبر - أن النحل باستطاعتة الجمع بين المفاهيم التي
يتعلمها، فعندما دُرِّبَ على الاختيار من بين أزواج الأشكال، على سبيل المثال،
اعتمد اختياره على اللون (سواء أكان للشكلين نفس الدرجة اللونية أم درجتين لونيتين
مختلفتين)، والترتيب المكاني (ما إذا كانا موضوعين أحدهما فوق الآخر، بدلًا من
وضعهما جنبًا إلى جنب). ويقول جيورفا: " هذا
يقتضي ضمنًا وجود مستوى أعلى من التجريد" فقد
أتقن النحل هذه المهمة بعد ٣٠ محاولة فقط؛ مقارنة بآلاف المحاولات التي
يتطلبها الأمر من بعض الحيوانات والحشرات الأخرى،ولم ينته الأمر عند هذا الحد
فبإخضاع هذه المهارات للاختبار في متاهة، يمكن للنحل أن يتعلم استخدام العلامات
المجردة ليجد طريقه نحو المكافأة، والأمر المهم أنه يمكن للنحل إدراك أن نفس
العلامات تعني أشياء مختلفة في متاهات مختلفة، مما يشير إلى إدراكه للسياق،
بالإضافة إلى أن الأبحاث المختلفة التي قام بها العديد من العلماء أثبتت أن النحل
يتصف بسمة تعرف بإسم "ما وراء الإدارك" وهي القدرة على التأمل الداخلي
لجودة الأفكار والحكم عليها،كذلك الباحث النحلة
يتميز بالذكاء في العديد من الأمور التي يقوم بها بداية من إختياره لموضوع
بحثه الذي يقوم بإعداده وإختياره للمصادر التي سوف يعتمد عليها والأدوات التي سوف
يستخدمها في إعداده لبحثه وذكاءه في توظيف كل ذلك إنتهاء بإعداده لبحث يتصف
بالحداثة والموضوعية والدقة.
خاتمة:
لقد تم عرض أهم الصفات التي يتميز بها
الباحث النحلة، والتي تعبر عن وجهة نظر كاتب هذه السطور، ومن الممكن أن يكون هناك
غيرها من الصفات الأخري التي غفل عنها الباحث، إلا أنه عرض أهم الصفات التي يرى
أنها لابد أن تتوافر في الباحث الجيد، والتي يوصي الباحث جميع الباحثين بالتحلي بها،و
التي -بلا شك- سوف ترقى بمكانة الباحثين أولاً ثم بمكانة البحث العلمي.
المصادر: